التعاطف مع المنظمات الإرهابية هو موضوع حساس وشائك في العديد من الدول، بما في ذلك الكويت، حيث يتم تنظيمه من خلال مجموعة من القوانين التي تهدف إلى حماية الأمن الوطني ومحاربة الإرهاب. وعلى الرغم من وجود تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب، فإن هناك حدوداً قانونية ودستورية تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
في القضية رقم 1017 لسنة 2016 جزائي/3، أصدرت محكمة التمييز الكويتية مبدأ قضائياً هاماً يتمثل في أن مجرد “التأييد والتعاطف” مع أي فكر أو مجموعة لا يعتبر بحد ذاته جريمة أو مساساً بأمن الوطن أو نظام الحكم، ما دام هذا التأييد والتعاطف لا يتجاوز حدود التعبير عن الرأي ولا يترتب عليه أي نشاط مادي أو دعم مالي أو عيني للمنظمات الإرهابية.
النص القانوني والمبدأ المستنبط:
أكدت محكمة التمييز في حكمها أن:
“مجرد التأييد والتعاطف وهي أفعال مباحة كفلها الدستور والقانون ولا تمس بأمن الوطن أو نظام الحكم في البلاد.”
هذا المبدأ يوضح أن:
- التأييد أو التعاطف اللفظي مع أي قضية، حتى وإن كانت مثيرة للجدل، لا يمكن أن يعتبر جريمة أو مساساً بالأمن الوطني طالما لم يتحول إلى نشاط عملي أو دعم مادي.
- الدستور الكويتي، في المادة 36، يكفل حرية الرأي والتعبير. ويشمل ذلك القدرة على إبداء الرأي في مختلف القضايا، بما في ذلك القضايا المثيرة للجدل، ما دام الشخص يعبر عن رأيه بطريقة سلمية ولا يحرض على العنف أو الإرهاب.
التعاطف مع المنظمات الإرهابية: أين يتم رسم الخط الفاصل؟
القانون الكويتي، كما هو الحال في العديد من الأنظمة القانونية الأخرى، يفرق بين التعاطف والدعم الفعلي. فالتعاطف وحده لا يعتبر جريمة، لكن القانون يعاقب على:
- الدعم المالي أو المادي للمنظمات الإرهابية.
- المشاركة أو التحريض على الأنشطة الإرهابية.
- التجنيد أو المساعدة في تسهيل الأعمال الإرهابية.
إذاً، مجرد تأييد أو تعاطف لفظي مع منظمة إرهابية قد لا يشكل جريمة، ما لم يتم إثبات وجود ارتباط مادي بين الشخص والمنظمة الإرهابية أو دعمه لها بوسائل غير مشروعة.
القوانين المطبقة في الكويت:
- قانون مكافحة الإرهاب:
يفرض القانون الكويتي عقوبات صارمة على كل من يتورط في أعمال إرهابية أو يدعم المنظمات الإرهابية. يجرم هذا القانون:
- الانضمام إلى منظمات إرهابية.
- تمويل الإرهاب أو تقديم أي نوع من الدعم المادي.
- التحريض على العنف أو الإرهاب.
- قانون الجرائم الإلكترونية:
في ضوء التطورات التكنولوجية الحديثة، تحرص الكويت على مكافحة الإرهاب الرقمي. يُحظر نشر مواد تحريضية عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى العنف أو تدعم الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر.
التأصيل القانوني للتعاطف والتأييد:
كما أشارت محكمة التمييز، فإن التأييد أو التعاطف العاطفي يعتبر جزءاً من حرية التعبير المكفولة بموجب الدستور. لكن هناك خطاً فاصلاً بين هذا التأييد اللفظي وبين المشاركة الفعلية في دعم الإرهاب. ومن هذا المنطلق، فإن الحكم الصادر يضع في الاعتبار:
- أن التعبير عن المشاعر أو التعاطف مع أي قضية لا يمكن أن يُجرّم إلا إذا اقترن بأفعال غير مشروعة.
- أن حماية النظام العام وأمن الوطن أمر جوهري، ولكن يجب أن تكون القيود المفروضة على الحريات الأساسية مبررة ومتناسبة مع المخاطر التي تهدد المجتمع.
الأبعاد الدستورية والقانونية:
الدستور الكويتي في مادته 36 ينص بوضوح على حق الأفراد في حرية الرأي والتعبير، لكن هذه الحرية ليست مطلقة. يجب موازنة هذه الحرية مع الحفاظ على الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب. ولذلك، فإن القانون الكويتي يعاقب على الأنشطة التي قد تهدد الأمن الوطني، مثل تمويل الإرهاب أو الانضمام إلى منظمات إرهابية، ولكنه لا يجرّم مجرد التعاطف ما لم يتحول إلى فعل مادي غير مشروع.
التطبيق العملي للحكم:
في التطبيق العملي، يعتمد القضاء الكويتي على مبدأ التناسبية. فعلى الرغم من وجود القوانين التي تجرم الأعمال الإرهابية ودعمها، إلا أن القضاء يحرص على عدم تجريم الأفعال التي تقع ضمن نطاق حرية الرأي والتعبير. وبالتالي، فإن مجرد إبداء الرأي أو التعاطف اللفظي مع قضية ما، حتى وإن كانت مرتبطة بمنظمة إرهابية، لا يُعتبر جريمة إلا إذا ثبت أن هذا التعاطف قد أدى إلى دعم مادي أو معنوي لهذه المنظمة.
خاتمة:
بناءً على حكم محكمة التمييز الكويتية في القضية رقم 1017 لسنة 2016 جزائي/3، فإن التعاطف اللفظي أو التأييد العاطفي لا يُعد جريمة في حد ذاته طالما بقي في إطار حرية التعبير المكفولة دستورياً. مع ذلك، يجب أن يكون الأفراد على وعي بأن هناك حدوداً قانونية لهذه الحرية، وأن أي دعم مادي أو تحريض على الإرهاب يُعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بصرامة.
في هذا السياق، من المهم توعية المواطنين بأن حرية الرأي والتعبير لا تشمل دعم أو تأييد المنظمات الإرهابية بشكل يتعدى حدود التعبير اللفظي. ولتجنب الوقوع في مشاكل قانونية، ينبغي على الأفراد أن يكونوا حذرين في إبداء آرائهم وأن يلتزموا بالقوانين الوطنية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
إذا كنت بحاجة إلى استشارة قانونية حول هذه المسألة أو قضايا أخرى تتعلق بمكافحة الإرهاب، لا تتردد في الاتصال بمحامٍ مختص لضمان حصولك على النصائح القانونية المناسبة.