مقدمة:
في ظل تزايد الأنشطة التجارية في قطاع المواد الغذائية بالكويت، تظهر أهمية التفريق بين “جريمة غش المواد الغذائية” كما نص عليها قانون قمع الغش في المعاملات رقم 62 لسنة 2007، وبين مخالفات بيع وتخزين المواد الغذائية التي ينظمها القرار الوزاري رقم 21 لسنة 1992 ولائحة الأغذية ذات الصلة، تحت إشراف بلدية الكويت. هذا الموضوع يتناول تعريف جريمة الغش التجاري في الأغذية، ومتى تتدخل وزارة التجارة، ومتى تكون المساءلة ضمن اختصاص بلدية الكويت، حسب القانون الكويتي.
أولاً: تعريف جريمة غش المواد الغذائية
وفقًا للقانون الكويتي، فإن جريمة “غش المواد الغذائية” تعني كل فعل يؤثر على طبيعة أو خواص أو فائدة المادة الغذائية من خلال تدخل فعلي فيها بطرق محددة، مثل:
1. إضافة مواد غريبة: كإضافة ماء إلى اللبن لتغيير مكوناته، مما يؤثر على جودته ويعتبر غشًا تجاريًا.
2. نزع مكونات غذائية أساسية: كإزالة الدهون من اللبن (القشطة)، مما يغير نسبة الدسم.
يتحمل مرتكب الغش التجاري المسؤولية القانونية عندما يتعمد القيام بتغيير في المنتج الغذائي بغرض التضليل والخداع، ويكون مفتش وزارة التجارة مختصًا بتحرير محاضر الضبط وإحالة الفاعل إلى نيابة الشؤون التجارية للتحقيق والمحاكمة.
ثانياً: دور مفتشي وزارة التجارة في جريمة الغش التجاري
وفقًا لقانون قمع الغش في المعاملات:
• الاختصاص: مفتشو وزارة التجارة هم المسؤولون عن التحقيق في حالات الغش التجاري المتعلقة بتغيير جوهر المواد الغذائية أو خواصها بفعل مقصود من التاجر أو البائع.
• إجراءات الضبط: يتم تحرير محضر ضبط يوضح تفاصيل الحالة، مثل نوع التغيير أو المادة المضافة، ويرفع إلى نيابة الشؤون التجارية التي تحقق في الحادثة.
• العقوبات: تتفاوت العقوبات بين الغرامة والسجن حسب جسامة الفعل، ومدى التأثير المحتمل على المستهلكين.
ثالثاً: مخالفات بيع وتخزين المواد الغذائية وتدخل بلدية الكويت
على عكس الغش التجاري، تتعلق مخالفات بيع وتخزين المواد الغذائية بالرقابة الصحية والشروط التي يجب توفرها للحفاظ على المواد الغذائية آمنة وصالحة للاستهلاك. وتخضع هذه الأنشطة للوائح الصادرة عن بلدية الكويت التي تهدف لضمان سلامة الأغذية، ولا تتعلق بتغيير في خواص المادة الغذائية.
أمثلة على مخالفات بيع وتخزين المواد الغذائية:
1. عدم التزام بالشروط الصحية: كعدم توافر درجات حرارة مناسبة لتخزين الأغذية.
2. عرض مواد غذائية فاسدة أو غير صالحة للاستهلاك الآدمي: مثل عرض طماطم متعفنة أو مواد غذائية منتهية الصلاحية.
3. التخزين غير الملائم: تخزين الأغذية في بيئات غير صحية، مما يؤدي إلى تلفها.
اختصاصات مفتشي بلدية الكويت:
• الاختصاص: يكون مفتش بلدية الكويت مختصًا في الحالات التي تتعلق بعدم صلاحية الأغذية للاستهلاك الآدمي، والتأكد من تطبيق الاشتراطات الصحية اللازمة في المحلات والمطاعم.
• الإجراءات: يقوم مفتش البلدية بتحرير محضر ضبط يخضع للقرار الوزاري رقم 21 لسنة 1992 الخاص بلائحة الأغذية، ويحال المخالف إلى الجهات المختصة، ولكن ليس إلى نيابة الشؤون التجارية، بل إلى نيابة الجنح.
رابعاً: الفرق القانوني بين جريمة الغش التجاري ومخالفة بلدية
1. الجريمة بموجب قانون قمع الغش التجاري:
• يتطلب وجود فعل غش متعمد يؤدي إلى تغيير في خواص المادة الغذائية.
• يتعلق القانون رقم 62 لسنة 2007 بقمع الغش في المواد الغذائية ويهدف إلى منع التضليل والخداع.
• تتولى وزارة التجارة والنيابة التجارية التحقيق في مثل هذه الجرائم.
2. المخالفة بموجب لوائح البلدية:
• لا تتطلب المخالفة وجود فعل غش، بل مجرد عرض أو تخزين مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسبب سوء التخزين أو انتهاء الصلاحية.
• يتعامل القرار الوزاري رقم 21 لسنة 1992 مع اللوائح التنظيمية للأنشطة الغذائية، ويهدف إلى حماية المستهلك من مخاطر الأغذية غير الصالحة.
• تتولى بلدية الكويت، من خلال مفتشيها، متابعة وضبط هذه المخالفات وإحالة المخالفين إلى نيابة الجنح.
أمثلة توضيحية للفروق:
• مثال على الغش التجاري: إضافة تاجر ماء للبن لزيادة وزنه وبيعه على هذا الأساس يُعتبر غشًا تجاريًا، حيث قام بفعل إيجابي يؤثر على خواص المادة الغذائية.
• مثال على مخالفة بلدية: عرض تاجر طماطم فاسدة نتيجة سوء التخزين يعد مخالفة بلدية، حيث لم يكن هناك فعل غش، بل كانت المشكلة في الصلاحية للاستهلاك فقط.
خاتمة:
يُظهر التفريق بين الغش التجاري ومخالفات بيع وتخزين الأغذية أهمية فهم القوانين المختلفة التي تنظم قطاع المواد الغذائية في الكويت. إذ أن جريمة الغش التجاري تشمل أي فعل يؤدي إلى تغيير في طبيعة المادة الغذائية بغرض خداع المستهلك، وتندرج تحت اختصاص وزارة التجارة. أما المخالفات البلدية فتشمل الحالات التي لا يتدخل فيها الفاعل في خواص المادة الغذائية، وتتعلق بعدم استيفاء الشروط الصحية ويختص بها مفتشو بلدية الكويت.
لذا، على المحامين والمسؤولين القانونيين مراعاة هذا التمييز عند التعامل مع قضايا تتعلق بالمواد الغذائية، لضمان تطبيق القوانين بشكل دقيق وفعال بما يخدم حماية المستهلك وضمان نزاهة التعاملات التجارية.